لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين : جاءت هذه الجملة المباركة على لسان سيدنا يونس علية السلام, عندما وقع النبى فى بلاء وامتحان من رب العالمين, حيث أنه ابتلي بأن جعله الله فى بطن الحوت, فنادى النبي الكريم ربه في ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر, وظلمة الليل نادى السميع العليم نادى القوى العظيم القدير, المسيطر على كل شيء نادى النبي, وهو موقن بأن الله سوف يسمع نداءه, نادى وهو موقن بأن الله سوف يستجيب دعاءه, فقد قال الله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني ) البقرة 186 .

لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي فى الظلمات, أن لا إله الا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له, ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) الانبياء 87 .

وهذا الدعاء من الأدعية العظيمة التي يلجأ إليها المؤمن, عندما يصاب بالغم والهم حتى يفك الله كربه, كما فك كرب سيدنا يونس علية السلام, حيث ان سيدنا يونس التقمه الحوت فى البحر, فاستعان نبى الله بالتسبيح والاستغفار والذكر بشكل متواصل, حتى استجاب له الله تعالى وأخرجه من بطن الحوت, لذلك يستطيع اى شخص مهموم ان يدعو الله بدعاء سيدنا يونس, ولكن مع تذكر الذكر والاستغفار والتوبة إلى الله, أولا وسوف يفك الكرب والهم بأذن الله .

قصة سيدنا يونس

  • قصة هذا الدعاء ان  سيدنا يونس ابن متى الذي ينحدر نسله من بنيامين, شقيق سيدنا يوسف عليه السلام وصولا الى سيدنا ابراهيم, خليل الله عليه السلام, قد أرسله الله بالرسالة إلى أهل نينوى بالعراق, وهي معروفة الآن بالموصل, حيث قد شاع بينهم الشرك بالله, فدعاهم سيدنا يونس أن يتركوا عبادة الأصنام ,والتوحيد بالله الأحد الذى لا شريك له, ولكنهم لم يستمعوا له واصرو على الشرك بالله والضلال .
  • ظل سيدنا يونس يدعوهم إلى العودة للتوحيد طوال 33 عاما, ولم يؤمن منهم سوى رجلين فأصاب سيدنا يونس اليأس, حيث انه استخدم معهم كل الطرق والوسائل, حتى يقنعهم بالعودة الى الله ولكنهم كانوا متكبرين, فظن سيدنا يونس ان لا طريق إلى الفلاح معهم, فذهب غاضبا وترك بلدتهم, وظن أن الله لن يحاسبه لأنه فعل ما بوسعه .
  • بمجرد ان غادر نبى الله يونس ظهر غضب الله عليهم, فهلت عليهم السحب السوداء وغشيهم الدخان واسودت سطوحهم, فأدركوا أنه عذاب من الله الواحد, وعلموا أن لا مفر من عذاب الله وخافوا ووجلوا, وأخذوا يبحثون عن سيدنا يونس علية السلام, حتى يستطيعوا ان يتوبوا الى الله تعالى ويهتدون, الا انهم لم يجدوه .
  • لم يعرفوا ماذا يفعلون فذهبوا الى شيخ كبير حتى يساعدهم فى الخروج, مما أصابهم وقد أخذ بأيديهم الى طريق التوبة, وقد جمعوا كل من بالقرية من كبير وصغير, وذكر وأنثى وجميع الحيوانات, ووضعوا الرماد على رؤوسهم, ولبسو المسوح من اللباس كنوع من أنواع التواضع الى الله, وتضرعوا إلى الله تعالى, حتى يصرف عنهم العذاب ويتوب عليهم, فتاب الله عليهم بعد كل هذه الكفر .
  • وفى هذه الاثناء كان سيدنا يونس قد لحق بقوم اخرين وركب معهم فى السفينة, حتى ان وصلت الى عرض البحر فقد اضطربت السفينة, واهتزت وتمايلت وحاولوا أن يغيروا هذا الوضع, حتى لم يجدوا امامهم الا ان يلقو شخص إلى عرض البحر, حتى يتم تخفيف الحمولة عن السفينة, فقامو بعمل قرعة حتى يتم اختيار شخص ليلقوا به, فكان سيدنا يونس هو الحائز على القرعة, ولكن أصحاب السفينة كانوا قد لاحظوا أن سيدنا يونس شخص صالح وخير, فقاموا بإعادة القرعة ثلاث مرات, وفى كل مرة يكون سيدنا يونس, لذلك ألقى نفسه الى البحر وهو حسن الظن بالله تعالى, وموقن من نجاته فأرسل الله له حوت والتقمه فى بطنه, فكانت بطن الحوت هى الملاذ من الغرق, وهي الصلاة التي تعبد فيها الله وتاب إليه من ذنبه .
  • وقد تجلت قدرة الله تعالى حيث حفظ نبيه يونس في بطن الحوت وعاش فيه وقد سجد نبى الله شاكرا, وقد سمع أصوات فى بطن الحوت, ولم يفهمها فأوحى له الله تعالى ان هذه الاصوات, هي تسبيح المخلوقات في البحر لله تعالى, فأقبل هو أيضا للتسبيح وقال ( لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين ) وجاءت الإجابة من الله تعالى وقال ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين ) فأمر الله الحوت فقذف به على اليابسة, وقد تم قذفه على الرمال وهو عريان ومريض مغموم .
  • ولكن الله تعالى أتم على سيدنا يونس النجاة فقد أنبت الله له شجرة, من يقطين ( القرع ) حيث ان سيدنا يونس كان يلتصق بجسده عوالق, من قشريات البحر والتى كانت لها رائحة تجذب إليه الذباب, ولكن شجرة اليقطين وأوراقها تبعد الذباب حيث أن الذباب ينفر من هذه الشجرة, على الأخص ولا يستطيع الاقتراب منها, كما يمتاز شجر اليقطين بأن أوراقه كبيرة, وبذلك ساعدت في حماية النبي من أشعة الشمس, التي كانت لتقتل نبى الله, حيث كان جلدة بايش من آثر المكوث في المياه لفترة كبيرة, كما تمتاز شجرة اليقطين أن ثمارها يمكن أن تؤكل بمجرد ظهورها, ولا تحتاج الى وقت للنضوج, كما انها تحتوى على نسبة كبيرة من المياه, فتجعل الذي يأكلها لا يحتاج الى شرب الماء, كما انها تتميز بانها تحتوى على فوائد عظيمه, لصحة الإنسان وتمده بالكثير من العناصر الغذائية اللازمة, كما تحتوى على مضادات حيوية طبيعية وخافض للحرارة, ومهدئ للأعصاب ومنشط لوظائف الكبد والكلى, وهذه الأمراض جميعا كان يعانى منها نبى الله يونس, فى هذا التوقيت وبهذا يكون الله قد هيأ الظروف لنجاته, وكل الفضل يعود إلى تسبيح النبي المستمر, وتوبته والدعاء والتضرع لله تعالى حتى يزيح عنه الهم والغم .
  • وكل إنسان في هذه الحياة معرض ان يصاب بالهم والغم فى حياته, ويمكنه أن يستفيد من قصة نبى الله يونس, حتى ينقضى هذا الكرب وينال الفرج, والخير والبركة ويفضل أن يقال هذا الدعاء مائة مرة, مع اليقين بقدرة الله تعالى واليقين في استجابة الله لدعائه والله اعلى واعلم .

اضف تعليق